كلمة قائد القوات

بسم الله الرحمن الرحيم

بِسمِ اللهِ وَ الصَلاةُ وَ السّلامُ عَلَىْ رَسْولِ اللهِ أَشرَفِ الأنْبِياءِ وَ المُرْسَلين وَ عَلى آلِهِ وَ صَحبِهِ أجْمَعْين.

 

يُعَدّ جِهْازُ الأمْنِ الوَطَنِيِ المُؤَسَسَةَ الوَطَنِيَةَ الأكْبَرِ مِنْ حَيثُ العَدَدِ وَ العُدَةِ فِيْ دَولَةِ فِلسطِينْ، وَنَوَاةَ جَيْشِها، الحَارِسِ لِحُدُودِهْا، السَاهِرِ عَلىْ أَمْنِهْا، الضَامِنِ لإِسْتِقْرَارِهْا، المَانِعِ للتَّهدِيدَاتِ وَالمَخَاطِرِ عَنْ الوَطَنِ وَ المُواطِن.

قَدْ شَرَّفَنْيَ سِيَادَةَ الرَّئِيسْ القَائِدِ المُعَلِمِ بِتَكْلِيفْي قِيَادَةَ قُواتِ الأمْنِ الوَطَنِيِّ وَ هَذِه الثِقَةُ الَتْي أَولَانِيَ إِيّاهَا فَخَامَتُه، تَضَعُ عَلى عَاتِقي مَسؤُولِيَةً كَبْيرَةً وَ حِمْلٌ ثَقْيْلٌ نَظَراً للظُرُوفِ وَ التَحَدّيَاتِ الصَعْبَةِ وَ الاستِثْنَائِيَةِ الّتي نَعِيشُها.  لَكّنَ الوَاجِبَ الوَطَنِيِّ يُحَتِّمُ عَلَيْنَا القِيَامَ بِهَذِهِ المَهَمّةِ الصَعْبَةِ، وَ حَمْلِ الأمَانَةِ بِإرَادَةٍ وَ عَزْيمَةٍ قَويَتَيْنِ وَ بِإخْلَاصٍ وَ وَفاءٍ دَائِمَيْنِ.

وَ بِنَاءً عَلَيهِ وَ إِسْتِكمَالاً لِدَورِ مَنْ سَبَقَنيَ فِي قِيادَةِ القُوّاتِ مِن المُحَافَظاتِ الشَّمَالِيَةِ وَ الجَنوبِيةَ، مِنَ القَادَةِ الأبْطَالِ الشُرَفاءِ فَإنَنَا نَتَطَلّعُ إلى الإسْتِمْرَارِ فِي البِنَاءِ وَ النُهْوضِ وَ الإرتِقاءِ بِمُستَوى القُواتِ مِن خِلَالِ رَفعِ الكَفَاءَةِ المِهَنِيَةِ وَ القُدُرَاتِ مِمَّا يُمَكِنُها مِنَ القِيَامِ بِوَاجِبَاتِها المَنْوطَةِ بِها وِفقَاً لأحكَامِ القَانونِ وَ المَهامِ الاضَافِيَّةِ المُكَلَفَةِ بِها مِنَ القَائِدِ الأعلى لِقُوى الأمْنِ، وَذَلِكَ وِفْقَ رُؤيَةٍ استرَاتِيِجيَةِ تُحَقِقُ مِن خِلالِها بِنَاءِ جَيْشٍ مِهَنِيٍ مُحتَرِف وَ مُتَمَيِّزٍ إقْلِيمِيَّاً وَ دَولِيَّاً. وَ هَذَا الأمْرُ لَيسَ بِبَعِيدِ المَنَالِ كَونَهُ يَتَوَفّر لَدَينا عُنْصُرٌ بَشَرِيٌ يَتَمايَزُ عَلى كَافَةِ نُظَرَائِهِ بِما يَملِكونَهُ مِن عَقيدَةٍ وَوَلاءٍ لِلهِ وَ الوَطَنِ وَ الشّعبِ، وَ مَا يَتَمَتّعونَ بِهِ مِن عَزيمَةٍ وَ إخلَاصٍ وَ سُرعَةِ بَديهَةٍ وَ هِمَةٍ لا تَكَلُ وَ لا تَمَل.

وَ إرتِكَازَاً عَلى حَقِيقَةٍ مَفَادُها أنّ قُواتِ الأمنِ الوَطَنِيِّ هُم جُزءٌ مِنَ الشَعبِ الفِلِسطِينِيّ وَ مُلكٌ لَهُ، فَإنَنَا نَرغَبُ في ألا يَقْتَصِرُ عَمَلُ القُواتِ عَلى تَقديمِ خِدمَةِ الأمنِ فَقَط وَ إنّمَا الإنتِقَالُ إلى مَرَاحِلٍ  أسمَى تُقَدِمُ فِيها القُوّات  العَديدَ مِن الخَدَماتِ ذاتِ الطَبيعَةِ الاجتِمَاعِيَّةِ وَ الانسَانِيَّةَ وَ الإغاثِيَّةِ التَي لَم يَعتَد عَليها المُواطِنُ مِن قَبل. وَ هَذا الأمْرُ يَتَرَتَبُ عَلَيهِ بِنَاءُ عَلاقَةٍ مُمَيَزَةٍ بَينَ قُواتِنا وَ أبنَاءِ شَعبِنا يَسودُها الوِدُ وَ الاحتِرَامُ وَ الِثقَةِ. وَ مِن أجلِ تَحقِيقِ هَذِهِ الرِسَاَلةِ فَإنَنَا، قِيادَةً وَ ضُباطً وَ صَفِ ضُباط وَ جُنود الأمنِ الوَطَنيّ، سَنُسَخِرُ كُلَ إمكَانَاتِنا وَ طَاقَاتِنا وَ قُدراتِنا فِي مَدِّ يَدِ العَونِ وَ مُسَاعَدَةِ المُواطِنِ الفِلِسطِينيِّ دُونَ تَمييزٍ وَ سَنُشَارِكُ اهلَنا وَ ابنَاءَ شَعبِنا كَافَةَ أفرَاحِهِم وَ أحزانِهم.

إنَّ المُتَغَيِّرَاتِ التي شَهِدَتْها وَ تَشهَدُها المَنْطِقَةُ وَ عَلى رَأسِها ثَورَاتِ الشُعوبِ المُنْتَفِضَةِ فِي الوَطَنِ العَرَبِيِّ ، خَيرُ دَلِيلٍ عَلى صِدقِ مَا نَطرَحُهُ مِن رُؤيةٍ وَ رِسَالةٍ، فَالشُعوبُ لا تَسَمحُ بِوُجودِ أمنٍ يُفْرَضُ بِالقُوَةِ بَعيداً عَنِ العَدَالَةِ وَ عَليهِ يَجِبُ عَلى قُواتِ الأمنِ الوَطَنِيِّ أنْ تَستَفيد مِن الدُروسِ الحَالِيةِ وَ تَستَخلِصُ العِبَرَ وَ تَعْمَلُ عَلى تَوْفِيرِ الأمنِ بِأسْاليبَ مَقْبولَةٍ ذَاتِ مِهَنِيَّةٍ عَالِيَةٍ ، مَرْضيٌ عَنْهُ لَدى كَافَةِ المُواطِنينَ، وَ ذلكَ مِن خِلالِ تَرسِيخِ وَ تَعزيزِ مَبدَأ سِيادَةِ القَانْونِ وَإحتِرَامِ كَافَةِ الحُقوقِ وَ الحُرِّياتِ وَ حِفظِ وَ صَونِ كَرَامَةِ المُواطِنِ. وَ هَذهِ القَاعِدَةُ مُسْتَمَدَةٌ مِن التَوجِيهاتِ الدِاِئمَةِ لِفَخَامَةِ السَّيدِ الرَئيسِ " أنَّ الأمنَ لَيسَ عَلى حِسَابِ كَرَامَةِ المُواطِنِ".

إنَّ أهَم عَوَامِل صُمودِ شَعبِنا وَ بَقَائَهُ عَلى أرضِهِ وَ تَحدّيهِ لِسِياسَاتِ الاحتِلالِ الهَادِفَةِ إلى طَردِهِ مِن أرضِهِ، وَ قُدرَتِهِ عَلى الحِفَاظِ عَلى مُكتَسَباتِهِ الوَطَنِيَّةِ، يَكمُنُ فِي وُجُودِ بِيئَةٍ آمِنَةٍ مُستَقِرَةٍ ، تَحمْي النَسيْجَ الإجتِمَاعِيِّ وَ تُحَافِظُ عَلَيهِ مُتَمَاسِكاً قَوياً مِما يُعَزِزَ السِلمَ الأهلِيِّ وَ يُسَاهِمُ فِي استِقرَارِ الوَطَنِ وَ إزدِهَارِهِ، لِذا نَحْنُ نُدرِكُ وَ كَافَةَ الاعدَاءِ وَ الخُصُومِ يِدرِكْونَ مَدَى أهَمّيَةِ وجودِ الأمْنِ وَ الأمَانِ لِلمُواطِنِينَ الفِلِسطِينيينِ، وَ بِالتَاليْ هُم يَعمَلونَ بِجُهدٍ كَبيرٍ عَلى إعَادَةِ الفَوضْى وَ الفَلَتَانِ بِما يَعكِسَانَهُ مِن آثْارٍ سَلبِيةِّ وَ مُدَمِرَةٍ عَلى الحَالَةِ الَعامَةِ وَ كَونَهُ يُدخِلُنا فِي صِرَاعَاتٍ دَاخِلِيَةٍ وَ فِتْنَةٍ تَأكُلُ الأخضَرَ وَ اليَابِس. مِمّا يُؤدّي إِلى إضْعَافِ الجَبهَةِ الدَاخِلِيَةِ وَ يُحَيِّدُنَا عَن المَسَارِ الرَئْيسِ وَ يُشَتِتُ الجُهودَ وَ يُفَكِكُ البُنْيَةَ الإجتِمَاعِيَةِ القَوِيَةِ لِمُجتَمَعِنا الفِلِسطِينِيِّ، القَادِرِ عَلى الصُمْودِ امَامَ الإحتِلالِ وَ التَحَدِيَاتِ، لِذا لَنْ تَسمَحَ القُوّاتِ بِالعَودَةِ إلى المُرَبَعِ الأوَلِ الذي آذى شَعبَنا بِنَفسِ القَدْرِ الَذي آذَاه ُالإحتِلالُ ، حَيثَ أنّ الطَرَفَينِ هُما وَجهانِ لِعُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ.

لَقَدِ إستَطَعنَا فِي قُوّاتِ الأمْنِ الوَطَنِيِّ وَ بِالمُشَارَكَةِ الفَاعِلَةِ لِقُوى الأمْنِ المُخْتَلِفَةِ وَ بِالتَعَاونِ مَعَ كَافَةِ شَرَائِحِ شَعبِنا، أن نُحَقِقَ نَمْوذَجَاً أمْنِياً يُحْتَذى بِهِ فِي ظُرُوفٍ قَاهِرَةٍ وَ إمْكَانَاتٍ مَحدُودَةٍ جِداً وَ تَحتَ الإحتِلالِ، وَ هَذا الأمْنُ الَذيْ تَحَقَقَ ، نَهْدِفُ مِن خِلالِهِ إلى تَقلِيصِ عُمْرِ الإحْتِلالِ وَ لَيسَ إطَالَتِهِ. وَ كَفِ يَدِهِ عَن مَنَاطِقَنا وَ شَعبَنَا بِالحدِ الأدْنَى الَذيْ إستَطَعْنَا إلَيهِ سَبيلاً. وُصُولاً إلى إنْهَاءِ الاحتِلالِ وَ إعْلانِ الاسْتِقْلالِ وَ الحُرِّيَةِ.

إنَنَا قِيَادَةَ وَ ضُبَاطَ وَ صَفَ ضُبَاطِ وَ جُنُودَ الأمْنِ الوَطَنِيِّ ،  لَنْ نَكونَ إلا مَعَ الشَعبِ وَ نَحنُ المُؤتَمَنْونَ عَلى مَصِيرِ الوَطَنِ وَ مُسْتَقْبَلِهِ ، الحَريصُونَ وَ السَاهِرونَ عَلى حِفْظِ أمْنِ المُواطِنِ وَ مَصَالِحَهُ، مُواصِلُونَ فِي أدَاءِ وَاجِبِنَا الوَطَنِيِّ بِإخْلَاصٍ وَ وَفَاءٍ ، بَاقْونَ عَلى العَهْدِ وَ لَنْ نُبَدِّلَ مَبَادِئَنا وَ قِيَمَنا، لَنْ نَتَهَاوَنَ وَ لَنْ نَتَخَاذَلَ وَ لَنْ نَبْيعَ وَ لَنْ نُسَاوِمَ وَ لَنْ نَخْونَ.

وَ إنْ شَاءَ اللهُ سَنَرفَعُ عَلَمَ فِلِسْطِينَ خَفَّاقَاً فِي القُدْسِ ، عَاصِمَةَ دَولَةِ فِلِسْطِينَ بِقِيَادَةِ السَيِدِ الرَئْيْسِ أبْو مَازِنٍ ، حَفِظَهُ اللهُ وَ نَصَرَهُ.

" يَـــرَوْنَها بَعْيدَةً وَ نَرَاهْا قَرِيَبةً وَ إنّا لَصَادِقْونَ"

 

                                                                                                                                                                                                                  أخوكم

                                                                                                                                                                                                               اللواء/ نضال أبو دخان