كلمة السيد اللواء / نضال ابو دخان اثناء تسلمه أعلى وسام يمنح في الدولة الفرنسية للشخصيات العالمية من قبل الملحق العام نيابةً عن الرئيس الفرنسي

بِسْمِ اللهِ الرّحْمنِ الرّحيْم

الصَلاةُ وَ السّلامُ عَلى سَيّدِنَا مُحَمّدٍ أشْرَفُ الأنْبِياءِ وَ المُرْسَليْن

السّيد بَييارْ كُوشَارْ القُنْصُلُ الفَرنْسي العَامِ فِي القُدْسِ

السيدات و السادة أعضاء القنصلية و الوفد المرافق

الإخوة و الأخوات ضباط الامن الوطني

 

تحية الأخوة الصادقة من أرض فلسطين لشخصكم الموقر و لأعضاء القنصلية و الوفد المرافق

تحية إحترام و محبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند

بداية أعبر لكم عن عظيم إعتزازي و تقديري و سروري لوجودكم معنا في معسكر الأمن الوطني على أرض فلسطين الحبيبة أرض السلام و الأنبياء.

و أجد لزاماً علي أن أشيد بكلمة سعادتكم الطيبة و ما غمرتموني به من مدح و ثناء و إن دل هذا على شيء فإنما يدل على سمو أخلاقكم و قيمكم و حبكم لفلسطين و شعبها.

إن هذا اليوم المميز يعد من أسعد ايام حياتي و هو يوم تاريخي و إستثنائي لي و لأسرتي و زملائي و الذي أمنح فيه (وسام الشرف) و هو الأعلى في فرنسا من فخامة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.

إن هذه اللفتة الكريمة بتقليدي هذا الوسام الرفيع من سعادة القنصل العام نيابة عن فخامة الرئيس الفرنسي هو شرف كبير لي أعتز و أفخر به و أعتبره تكريماً لكل فلسطيني أينما تواجد في الوطن و الشتات.

 

إن خصوصية هذه المكافأة الغالية تأتي من دولة فرنسا الصديقة التي نكن لها كفلسطينيين كل المحبة و التقدير لمبادئها السامية القائمة على الحرية و المساواة و الإخاء، التي حرمنا منها نحن الفلسطينيون في ظل إحتلال غاصب و صمت رهيب من المجتمع الدولي تجاه حقوقنا.

و نؤكد لسعادتكم أنه كما قاوم الفرنسيون و حرروا الباستيل رمز الإضطهاد و إنتصروا على الظلم، نقاوم نحن الإحتلال الاسرائيلي الجاثم على صدرونا و إن شاء الله سننتصر كما إنتصرتم

لقد أثبتت التجارب أنكم الأصدقاء الأوفياء الداعمين لحقوقنا و مطالبنا المشروعة في نيل الحرية و الاستقلال و الخلاص من الاحتلال الغاصب و قد تجلى هذا في إحتضان العاصمة الفرنسية لمؤتمر باريس حول السلام في الشرق الأوسط و الذي شدد على حل الدولتين و تحقيق السلام الدائم في المنطقة.

و أغتنم هذه الفرصة في هذا الحفل الكريم للإشادة بالعلاقات الفرنسية الفلسطينية كما و أنقل لكم تقدير و شكر فخامة الرئيس محمود عباس للدور الفرنسي البناء في دعم العملية السياسية لتحقيق السلام، و كذلك الدعم السخي لدولة فلسطين و مؤسساتها في كافة المجالات الاقتصادية و التعليمية و الثاقفية و الصحية و الأمنية.

و في هذا المقام نستذكر و إياكم وقوف فرنسا العظيمة رئيساً و حكومةً و شعباً في عهد الرئيس الاسبق جاك شيراك إلى جانب الشعب الفلسطيني في مصابه الجلل بمرض و رحيل القائد ياسر عرفات.

ففرنسا لم تتوانَ عن تقديم العلاج و الرعاية للرئيس الراحل خلال رحلته العلاجية ناهيك عن الجنازة المهيبة التي غادر جثمان الرئيس فرنسا خلالها.

هذا الموقف الانساني ليس غريباً على فرنسا و الشعب الفلسطيني لا يزال يقدره و يحفظه لها.

إن فرنسا تتقدم دول العالم في الوقوف مع الشعوب المضطهدة  و المظلومين والمستضعفين و تدافع عن الحقوق و الحريات. فدفعت ضريبة على ذلك حيث استهدفت بعمليات إجرامية وحشية راح ضحيتها المئات من الابرياء و الآمنين، قامت بها حثالة من المتوحشين كان هدفهم إرهاب الشعب الفرنسي و كسر فرنسا. لكن فرنسا دولة جذورها عميقة و تاريخها عريق و مبادئها راسخة و شعبها عنيدٌ لا يمكن أن ينحني أمام هذا الإرهاب المتطرف و لا يمكن أن تحيد فرنسا عن مواقفها الشجاعة أو تغير مبادئها السامية.

إن الشعب الفلسطيني تألم بنفس القدر الذي تألم به الشعب الفرنسي و وقف تضامناً مع أسر الضحايا و شجب و استنكر هذا العمل الجبان.

سعادة القنصل العام، حاربنا معكم سابقاً هذا الإرهاب و عازمون اليوم على مواصلة هذا الدور و الاستمرار في الوقوف إلى جانبكم للقضاء على التطرف فكرةً و ممارسةً.

و الحل الأمثل للقضاء على هذا الارهاب و تجفيف منابعه و إنهاء ظاهرة التطرف و الغلو هو إنهاء عذابات الشعب الفلسطيني و رفع يد الاحتلال عن المقدسات المسيحية و الاسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 عامة و في القدس الشرقية. حتى لا تستغل القضية الفلسطينية في عمليات التجنيد و جمع التبرعات و دفع الشباب المغرر به إلى القتل و الهلاك و الانتحار تحت مسميات واهية و عبارات الجهاد المزيفة.

إنني كقائد لقوات الأمن الوطني الفلسطيني أعتز و أفتخر بعلاقتي الوثيقة مع المؤسسة الأمنية و العسكرية الفرنسية، و التي أكسبتني جزءاً هاماً من تكويني في مجالات عديدة، منها حماية الشخصيات، العمليات الخاصة، إدارة الأزمات. و لقد حصلت على قدرات عملياتية و قيادية ساهمت في صقل شخصيتي و تطوير مهاراتي و هذا ما أوصلني إلى المراتب العليا سواء كانت في الحرس الرئاسي أو الاستخبارات العسكرية أو في قيادتي للأمن الوطني.

و بناءً عليه، حرصت على إستمرار التعاون مع هذه الأجهزة المحترفة لتنويع التدريب و العلوم و لتمكين منتسبينا الاستفادة من المدرسة العسكرية و الأمنية الفرنسية العريقة بهدف التقدم في الجوانب المهنية و القيادية للقيام بواجباتهم على أكمل وجه في خدمة وطنهم و شعبهم.

 

إن مطالبتي أن يكون تكريمي بين زملائي الضباط في الأمن الوطني جاء لأشاركهم هذه الفرحة، لأنهم من أوصلني إلى هذا النجاح.

شكراً جزيلاً للصديقة فرنسا رئيساً و حكومةُ و شعباً و للقنصل العام و وفده على هذا التكريم المميز.

أعاهدكم جميعاً أنني سأبقى على العهد أميناً مخلصاً لوطني و شعبي و قيادتي.

و بكل فخر و إعتزاز أهدي هذا الوسام إلى القائد الوالد فخامة السيد الرئيس محمود عباس، و إلى والدتي العزيزة و كافة الإخوة العاملين معي في قوات الأمن الوطني ضباطاً و جنوداً و إلى كافة أسرانا البواسل القابعين في باستيلات الاحتلال الاسرائيلي و أخص بالذكر منهم الأخوات الأسيرات.

عاشت فلسطين و عاشت فرنسا

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته